أنت الزائر رقم: 133273
مع مذكرات مغتربة
لخولة القزويني
ومشكلات المرأة المسلمة
عبدالجليل الصفار
شاء الله سبحانه وتعالى أن تصلني قصة طويلة ونحن نودع الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك.. والقصة تدور في معظمها عن حياة المرأة المسلمة في الغربة، فهي من نوع خاص كتبتها مؤلفتها خولة الكويتية في صورة مذكرات على لسان إحدى المسلمات المغتربات بأسلوب أدبي شيق يغري القارئ بالقراءة في هذه الأيام المباركة
في رأيي قبل أن أستعرض هذه القصة الاجتماعية الدينية أن المؤلفة خولة القزويني وهي من دولة الكويت الشقيقة ذات قلم قدير يستطيع أن يجذب القارئ بأسلوبه البسيط المفعم بالإيمان والصدق إلى نهاية العمل الأدبي والفني.
صحيح أن قصة مذكرات مغتربة قد ابتعدت بها صاحبتها عن مجالات الوصف الطويل الممل الذي لا داعي له إذ أن طبيعة القارئ الآن تميل إلى الاختصار.
وعلى هذا الأساس يرى القارئ نفسه قد أقنع نفسه بمواصلة القراءة، فهو أمام بحر من الأفكار الإنسانية والاجتماعية والدينية قد وضعتها المؤلفة –خولة- في إطار أدبي جميل.
وصحيح أن مذكرات معتربة قد ركزت أكثر ما ركزت على مشكلات المرأة المسلمة والفتاة المسلمة في الغربة وفي بلاد ليس لها صلة من قريب أو بعيد ببلاد المسلمين بل وتعمل على هدمها والقضاء عليها بشتى الوسائل إلا أن المؤلفة قد فتحت باباً واسعاً للحوار والمناقشة في كل ما يهم الفتاة والمرأة المسلمة لتتسلح به أمام طغيان الحياة الحضارية الحديثة.
لهذا فإنني أنصح بأن يكون هذا الكتاب –وهو في صورة قصة- بين أيدي فتياتنا، ليقرأنه ويتفهمنه ويستفدن من تجارب المؤلفة.
فمن سره أن يعرف أسرار وحقيقة أفكار المرأة المسلمة فليقرأ مذكرات مغتربة.
ومن سره أن يقرأ عن المرأة والفتاة المسلمة في الحجاب الإسلامي فليقرأ مذكرات مغتربة.
ومن أراد ويسره أن يعرف رأي المرأة والفتاة المسلمة في الحب فليقرأ مذكرات مغتربة.
ومن شاء أن يتعرف على رأي المرأة والفتاة المسلمة في الرجل المسلم الذي تريده زوجا لها فليقرأ مذكرات مغتربة، ومن أراد أن يطلع على رأي المرأة والفتاة المسلمة في القضايا العربية والإسلامية لاسيما قضية فلسطين العربية فليقرأ مذكرات مغتربة.
وأخيراً وليس آخراً من سره أن يتعرف على رأي المرأة والفتاة في الحياة الاجتماعية وما تفرضه عليها من قيود والتزامات وواجبات وما تفتحه وتغلقه من مجالات التفكير والرأي مع الحياة والناس والأسرة.. فليقرأ مذكرات مغتربة.
كل هذا وضعته المؤلفة خولة القزويني في 100 (مائة) صفحة من القطع الصغير، وقد طبعت في الكويت بمطابع صوت الخليج وتقوم بتوزيعه في البحرين دار أهل البيت (عليهم السلام).
ولقد استطاعت المؤلفة أن ترسم لنا شخصيات أبطال القصة بصورة بسيطة ومقنعة بدون أي زخارف أو إطالة.
فأمل بطلة القصة الأولى فتاة مؤمنة متحمسة لدينها لم تؤثر عليها الحياة الحضارية الطاغية في ولاية (أنديانا) في الولايات المتحدة الأمريكية، ولقد استطاعت أن توازن بين دراستها والدعوة لدينها، وتعود ناجحة مع أسرتها وإن لم توفق في حبها مع ((عدنان)) الذي أعجبها شخصيته العاقلة المتزنة، المتحمسة للدين، إلا أنه من جنوب لبنان وقد كان متزوجاً وله ابن من زوجته المتوفاة، عمار.
ثم إن الكاتبة استطاعت أن تصور التناقض الواضح بين شخصيات أبطالها/ ولا سيما فيما يخص شخصية (بدور) التي كانت قريبة من أمل وحفظتها من الزل والخطأ، وشخصية (وداد) التي انجرفت مع تيار العبث والرقص والمجون والسهر مع ماهر، الذي أرسلته أمه ليدرس على حسابها إلا أنه ينال من شرف (وداد) فتقرر أن تنتقم منه، كما أرادت أن تنتقم من أهلها الذين أن تتزوج من ابن عمها إلا أنها في النهاية تتزوج من ماهر، بترتيب ومساعدة من أمل وبدور وعدنان وأخته زينب.
التناقض الآخر بين بدور ووداد، أن الأولى كانت تهتم بدراستها وبحصولها على الدرجات العالية لدرجة أن قررت أن تواصل دراستها العليا، أما وداد فيكفيها أ، حصلت على ماهر الذي قرر في النهاية أن يتزوجها.
ويبدو أن طبيعة تفكير المؤلفة الذي يميل بقوة إلأى التدين وستر عورات الناس والعودة إلى التوبة والصلاح هو الذي دفعها أن تجعل نهاية العلاقة العاطفية بين ماهر ووداد الزواج، بالغرم من تصويره في بداية القصة لم يخرج عن كونه ذئباً ومنتهكاً لأعراض البنات، وينتقل من فتاة إلى أخرى.
وهذه في رأيي نقطة تحتاج إلى نقاش طويل وتثير تساؤلات كثيرة فليس كل علاقة من هذا النوع تنتهي إلى الزواج.
بقيت شخصية أحمد.. وهذا من الشباب المسلم الذي نذر نفسه للإسلام في هذه البلاد البعيدة عن الإسلام وعن العروبة، فكان نعم المسلم ونعم المتحمس للدفاع عنه.
بقيت نقطة مهمة أود أن أذكرها قبل أن أستطرد في عرض القصة وهي أن هذه القصة مذكرات مغتربة –لخولة القزويني- أشبه ما يكون بمقالة اجتماعية ودينية وضعتها الكاتبة في صورة قصة، وبأسلوب أدبي شيق وإن كان لا يرقى إلى الأسلوب القصصي أو الروائي المتعارف عليه، إلا أن ذلك لم يمنع من متابعة القصة لمعرفة نهايتها، وأعتقد أن ابتعاد المؤلفة عن الوصف الشخصي لأبطالها الذي يكاد يقترب من الرسم التشكيلي له صلة بطابع القصة الديني وبالاتجاه الديني الذي تحمله المؤلفة نفسها وهذا لا ننكره فيها.
ثم إن الابتعاد المكاني لحوادث القصة وعن وصف المشاعر الإنسانية لصورة وافية في كثير من أجزاءالقصة قد أضفى عليها بعض الشعور بأن المؤلفة تريد أن تنتهي بسرعة لتصل إلى الأفكار التي تريد أن تطرحها في القصة.
ولا شك أن الطابع السردي قد غلب على القصة وهذا شيء طبيعي بالنسبة لهذا النوع من القصة الذي يغلب عليه الطابع الاجتماعي والديني الذي يهدف إلأى الوعظ والإرشاد والنصح.
وحتى نتعرف على الأفكار التي وردت في القصة –مذكرات مغتربة- للمؤلفة خولة القزويني- دعونا نذكر بما ما جاء فيها على لسان أمل بطلة القصة وبقية الأبطال..
تقول أمل تخاطب أمها بعد أن عرفت بالبعثة الدراسية إلى الولايات المتحدة وأصبحت تعاني من التفكير في فراق ابنتها:
- إنني أيضاً أعاني هذه المعاناة يا أمي ولكن أنا لست أول وآخر فتاة تفارق أهلها.
- ثم تقول:
- - أمي لم أفارقها لحظة واحدة في حياتي أجد نفسي الآن بعيدة عنها بل سيمتد هذا البعد
ا