أنت الزائر رقم: 149036

تفاصيل الدراسة

مقالة نقدية للأديبة خولة القزويني حول كتاب العولمة والتربية  للدكتور أحمد العلي
11/05/2021

مقالة نقدية للأديبة خولة القزويني حول كتاب العولمة والتربية للدكتور أحمد العلي



في كتابه ((العولمة والتربية))


أحمد العلي يدعو إلى استثمار إيجابيات العولمة مع الاحتفاظ بخصوصيتنا


عرض وتحليل: خولة القزويني:


عن دار الكتاب الحديث صدر للكاتب والباحث الدكتور أحمد العلي العضو في رابطة الأدباء والمراقب لإدارة المكتبات في وزارة التربية كتاب ((العولمة والتربية)).


فما هو محتوى هذا الكتاب؟


بداية يجب أن نفهم أن الثبات ليس من طبيعة الأشياء، ومن يتصور أن الواقع ثابت فهو واهم، ومن يتحدى المتغيرات بعقلية جامدة تنقصه الدراية بمعطيات هذه التغيرات.


والتربية عملية ديناميكية خاضعة للمتغيرات الحضارية، وهي كباقي النظم في الحياة تقتضي تطويراً وتحديثاً وتقويماً.


والعولمة هي التحدي الأكبر الذي جاء يزحف في هذا القرن ليخضع كل قيمنا ونظمنا إلى تغيير فهو إصلاح جديد يشمل الانتقال من المجال الوطني الإقليمي المحدود نحو البعد الكوني، الدولي، العالمي.


وفي ضوء هذا التغيير الذي شمل التربية والتعليم، تثار على بساط البحث الكثير من التساؤلات المحيرة حول موقفنا كمفكرين وأجيال وكتاب وعلماء من هذه الثورة المقننة التي لامست حياتنا بشكل عام، وأحدثت فيها الكثير من التجديدات والتحديثات والتطويرات.


هل نقف مكتوفي الأيدي أمام زحف العولمة؟


أم نلحق بركبها دون فهم ودراسة لطبيعتها؟


وما هي مؤثراته ونتائجها؟


هل نصد هذا المد الذي يعوم التعليم وننكره ونستنكرخ؟


هل نتدرب على فن وآليات التعامل معها بحذر من تهديداته أم نخضع لهذه المتغيرات؟


أسئلة كثيرة تدار في أذهاننا يجيب عنها هذا الكتاب بالتفصيل وعبر دراسات علمية وافية مستقاة من أرض الواقع.


·     أول شيء ينبغي فهمه أن المعنى التربوي للعولمة يختلف عن المعنى الاقتصادي والسياسي، إنه بالضبط يعني قبول المستجدات التربوية اللازمة لتنفيذ وضمانة سلامة الجوهر الأساسي للمعنى التربوي للعولمة ومغزاه على أن يضمن الاتفاق على المعايير التربوية العالمية مساحة كافية للحرية الوطنية أو القومية وممارسة الهوية الذاتية الخاصة.


·     كان موقف علماء العرب ومثقفيهم ينقسم إلى ثلاث مجموعات تجاه هذه العولمة:


أ- مؤيدون لذوبان التربية في العولمة لأنهم قد نموا وترعرعوا في ظل الحداثة الغربية والانبهار بالغرب ويرون أنها ظاهرة إنسانية إيجابية.


ب- رافضون إذ يرون أنها ظاهرة استعمارية توسعية تذيب القومية والخصوصية للمجتمعات وتفقدها قيمتها.


ج- إصلاحيون وهم يرون أنها تحد قادم لا محالة، وعلينا مواجهته فلا يمكننا وقف التيار ولكن دون أنغرق فيه إذ ينبغي أن نعي مضاره ومفاسده، وأن نتمسك بهويتنا ومصالحنا وثقافتنا بطريقة حيادية.


·     وعلى ضوء هذه المتغيرات قننت المنظمات العربية الثقافية أساليب التفاعل مع العولمة التربوية بطريقة تحميها من مؤثراتها السلبية، فعملت على تعديل البنية المعلوماتية للعولمة التروبية وذلك بالأساليب الآتية:


-    الحفاظ على الهوية القومية.


-    التنافس التكافئي (نعتبر أنفسنا في تنافس نحو الأفضل مع الآخرين والالتقاء بهم في مناطق تماس تربوية).


-    التعاون العربي المشترك في مجال التربية.


-    المشاركة في ثورة الثقافات المتحركة.


-    الاختيار الواعي لمقتضيات التربية الحديثة.


·     ثم يدخل الباحث في مفهوم التربية كأداة للتغيير والقيم التي يغرسها المربون في الأجيال، ومفهوم التربية العربية والصلة بين السياسات التربوية العربية والأهداف القومية ثم حركة التغيير التربوي في الوطن العربي وبداية التغيير.


·     ويختتم بحثه في تحليل التحديات المستمرة التي توجه التربية والتعليم على امتداد العصور، ففي ظل العولمة وانفتاح الشعوب على بعضها والتطور التكنلوجي والاقتصادي الذي على رفع مستوى التعليم من حيث الأساليب والمناهج والطرق بشكل يتناغم مع الثورة المعلوماتية المتدفقة.


·     ثم يتناول تقييم مناهج التعليم حالياً، وهل القيم التربوية التي يتبعها النظام التعليمي الحالي قيم قديمة أم حديثة أو تجمع الاثنين معاً مع عرض بعض المصطلحات الجديدة التي دخلت كقيم في التربية ((كالهوية الثقافية، حوار الحضارات، الغزو الثقافي، التعاون الدولي، الأصالة.. وغيرها))


ويعتبر تثبي القيم والاتجاهات اللازمة لإعداد إنسان إيجابي، صالح، بهوية وقيمة ذاتية تحفظ دينه ولغته وقوميته هو التحدي الأكبر الذي ينبغي العمل عليه بصلابة أمام زحف العولمة خوفاً من التمييع والتهميش.


ويطرح الباحث سبل تطوير المناهج الدراسية ضمن إطار الهوية العربية والتوجيهات المقترحة لتخطيط المناهج وتوصيات من أجل تعليم أقوى.


·     وفي النهاية يحدد الباحث العولمة ما لها وما عليها من منظور تربوي، عارضاً إيجابياتها كونها ثورة معلوماتية نافعة وبناءة، تعمل ضمن تقنيات سريعة وعلى درجة عالية من الكفاءة، وهي مهدت الاتصال والتواصل الكمي والنوعي بين دول العالم.


·     ثم السلبيات المتمثلة في سيطرة الدول الكبرى على العالم وهيمنتها على الشعوب وتحويل العالم إلى قرية كبيرة تسودها نظرة أحادية وهي النظرة الأميركية، الفوضى الفكرية في أذهان الشباب بسبب الافتاح غير المقنن، الفساد، وتغريب الشعوب وطمس خصائصها، انهيار السيادة القومية للإعلام وتحويل باقي الدول إلى سوق استهلاكية لمنتجات الدول الكبرى. ويخرج في النهاية إلى أن التربية ينبغي أن تقف موقف الحياد بين السلب والإيجاب حيث يدعو إلى استثمار إيجابيات العولمة لمصلحة التعليم والتربية مع الاحتفاظ بالخصوصية والهوية القومية كي نواكب حركة التطور الحضاري فلا نقف خاضعين ولا خائفين بل نقف متكاتفين مع الآخرين نتمتع بشخصية مستقلة ولا نقبل الذوبان.