((حديث الوسادة)) للكويتية خولة القزويني سرد الوجدان وحرية التقاليد؟ كتب أحمد بزّون:
الكتاب: حديث الوسادة ((مجموعة قصص)) الكاتبة: خولة القزويني الناشر: دار الصفوة – بيروت ما يحفز لقراءة قصص الكاتبة الكويتية خولة القزويني هو انطلاقها من زاوية دينية محافظة، إذ أن السؤال الذي يطرح، ومن المفترض أن تجيب عنه المجموعة القصصية: هل يمكن أن يسمح مثل هذا الالتزام بكتابة أدبية حديثة؟ تتبعنا قصص المجموعة الإحدى عشر فكانت موضوعاتها من حيث عناوينها ومضامينها العامة بعيدة عن الموضوع الديني، إذ هي تركز بشكل أساسي على حياة المرأة وعلاقتها بزوجها، وعلى تمايز هذه العلاقة في مجتمع يشهد نوعاً من الاضطراب الاجتماعي والتوتر في العلاقات الزوجية والعاطفية والجنسية. تحكي القصص عن علاقة سيئة بين رجل وامرأة تؤدي إلى زيجة ثانية للرجل، وخيانة زوجة، وعذابات رجال ونساء في حيواتهم الخاصة والمشتركة، وظروف عمل معقدة، وكل قصة في المجموعة تنتهي أو تحمل معها شيئاً من الموعظة، مخفية مرة ومفضوحة مرة أخرى، حتى أن كاتبة الرواية تتدخل أحياناً قليلة بشكل يخرج الكلام عن سكة السرد والاختفاء وراء اللغة والشخصيات، فتقول مثلاً: لعنة الله على الجسد، وليت مصابيح العقل باقية لاختارت الطريق من جديد، ولا كانت النهاية على هذه الشاكلة الحزينة (ص 109). دراما ومناجاة أما من حيث شكل القصص فالأولى ((النافذة المفتوحة)) تكاد تغطي نصف مساحة المجموعة، وهي مؤلفة من أربعة أجزاء، في حين أن بعض القصص قصيرة جداً وهي عبارة عن حادث خاطف، وتنوع المجموعة من حيث الشكل يوازيه أيضاً تنوع من حيث المضمون، فأحداث القصة الأولى أو غيرها درامية مكثفة في حين نرى مقطوعة مثل ((مناجاة الليل))، بعيدة كل البعد عن أن تحوي حدثاً، إنها مجرد مناجاة تقرب النص من اللغة الشعرية وحسب. تتوق الكاتبة إلى شيء من الحرية في بعض نصوصها، لكن الحرية تلك طموح يبقى محكوماً بأخلاقية تركز هي نفسها عليها، وإذا تطلعنا إلى بعض التعابير الواردة في النصوص مثل ((لابد أن أقولها ملء فمي.. لابد أن أتحرر.. غداً سأتخذ قراري.. حتى وإن قالوا عني انهزامية)) (ص 141). ((إني مخلوقة أتوق أن أطير في دنياي الواسعة لأقطف الثمار)).. لاقتنعنا بذلك. كيف يمكن لمن هو محكوم بالقيم الأخلاقية التي يحددها الدين والأخلاق والمجتمع أن يطير ويحلق كما يشاء؟ هو تناقض إذاً. فالمرأة التي حلقت كما تريد هي شتمتها الكاتبة من قبل. من هنا فإن الدعوة إلى الحرية والتحرر والانطلاق والطيران في نص محكوم بالأيديولوجيا عموماً أو بالدين أو بمقاييس ومفاهيم مسبقة هي دعوة مرتبكة، ناقصة ومحدودة ومشوشة. حتى أن الكتابة التي قرأناها في المجموعة في غالبية القصص، هي أيضاً محكومة بإيصال رسائل وبرقيات للقارئ تنطلق من الأيديولوجيا والأخلاق والالتزام الديني. البنية الفنية كيف يمكن أن تتحرر اللغة والأسلوب وننتقل من الكتابة القصصية التقليدية، إذا كان الهاجس الالتزامي هو المهيمن على النص، وإذا كانت الشخصيات محكومة إلى هذا الحد؟ إن التزام الكاتبة هنا هو الذي أخذها، ربما إلى الانسياق وراء الحكاية أيضاً، بدلاً من الانشغال بفنية البنية القصصية، وبدلاً من تحرير اللغة نفسها من السياق الأدبي الإنشائي، وبالتالي السعي إلى سطر كتابة جديدة أكثر انفتاحاً، ثم كيف يمكن أن تنتج القصة المعتمدة أساساً على استعادة الماضي ومفاهيمه وأخلاقياته وأيديولوجيته نصاً حديثاً؟ إنه سؤال وجيه والإجابة السلبية عنه تعميم ليس سهلاً خرقه، فالكتابة المغايرة تحمل مفاهيمها المغايرة والجديدة، وتتعامل مع الماضي بالتحاور معه. إن تجربة الكاتبة القزويني التي أكسبتها دربة بعد تسعة مؤلفات بينها ست روايات، وبعد ممارسة الكتابة الصحافية أيضاً، جعلت نصها ذا جبلة لغوية متينة وذا إنشاء طيع ومفردات موقعة، إلا أن ذلك ومعه ما قرأنا من واحات شعرية لا يكفي لبناء نص قصصي فني يمتلك لعبته الجمالية الأكثر تشعباً. |